الاسير فؤاد ابو العمرين

من طرف **طائر الحب** 01/03/11, 02:19 pm

السبيل - استطاع على مدى عقدين من الزمن أن يحوّل سجنه إلى جامعة، وأن
يستثمر معاناتهم لتكون دافعاً له لتحقيق أحلامه، وإن كان جسده محصوراً بين
أربعة جدران.

الأسير فؤاد أبو العمرين (38 عاما)، الذي تقطن عائلته في منزل يقع في
مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، واحد من هؤلاء الأسرى الذين حولوا
محنتهم إلى منحة، بعدما أكمل دراسته الجامعية في السجن، وظل صامدا في
زنزانته منذ قرابة عشرين سنة، دون أن تقهره قوة وجبروت السجان.

ولا تزال والدته الحاجة "أم خالد" أبو العمرين، المثقلة والأمراض،
تحرس المنزل الذي ولد فيه نجلها في تشرين ثاني (نوفمبر) 1973؛ والذي تحيط
بها صوره لتخليد ذكراه، والذي أعيد تشيده بعد هدمه من قبل قوات الاحتلال.

شاليط بيد المقاومة الأمل لا يفارق تلك الأم المسنة بأنها سوف تحتضن
نجلها، قبل وفاتها على الرغم من انه محكوم مدى الحياة، بقولها: "إن
المقاومة لا تزال تحتفظ بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، المحتجز لدى
المقاومة منذ خمس سنوات".

ويقبع في سجون الاحتلال ما يقارب سبعة آلاف أسير فلسطيني، بينهم
العشرات من أصحاب المؤبدات والمحكوميات العالية والمعزولين، وممن أمضوا
أكثر من عشرين سنة، إضافة إلى عشرات الأطفال والنساء والمرضي وكبار السنّ.

وترفض سلطات الاحتلال الإفراج عما يقارب ألف أسير ضمن صفقة تبادل
الأسرى مع الجندي الإسرائيلي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية، منذ حزيران
(يونيو) 2006، والتي تعثرت المفاوضات بشأنها بسبب التعنت الإسرائيلي
المستمر.

وتروي الحاجة أم خالد لوكالة "قدس برس"، تفاصيل مولد نجلها فؤاد
وتعليمه في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا" في
المخيم، قبل أن يلتحق بالمقاومة الفلسطينية بعد إنهاء دراسته الثانوية.

وقالت: "أبصر فؤاد النور فملأ حياتنا بهجة وسروراً، ودرس المرحلة
الابتدائية، والإعدادية في مدارس وكالة الغوث، ثم انتقل إلى مدرسة خالد بن
الوليد الحكومية ليكمل دراسته الثانوية، وحاليا يكمل دراسته الجامعية خلف
القضبان".

المشوار الجهادي وأضافت: "كان فؤاد يتمتع بالأخلاق الحميدة، والتي
كانت تميزه عن الكثير من أقارنه، وكان محبوبا من الجميع، ومنذ نعومة
أظافره عرف بهدوئه والتزامه بالعبادات، فتربى على تلك الخصال، التي أهلته
ليكون احد المجاهدين الذين هبوا للدفاع عن أرضهم مع اندلاع الانتفاضة
الأولى مطلع ثمانيات القرن الماضي".

وتابعت: "المشوار الجهادي لفؤاد انطلق من المسجد الذي كان يصلي فيه،
بعد انضمامه لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حيث كان يشارك في كافة
المواجهات مع قوات الاحتلال، ويلقي الحجارة على جنود الاحتلال، وذلك قبل
أن ينتقل لكتابة الشعارات المناهضة للاحتلال وغطرسته على جدران المخيم،
كواحدة من وسائل مقاومة الاحتلال في ذلك الحين".

وأشارت "أم خالد" إلى أنها لم تكن تعلم أن نجلها فؤاد كان يعمل في
الجهاز العسكري لحركة "حماس"، المعروف باسم "كتائب القسام"، إلا بعدما
سمعت في نشرات الأخبار أن نجلها تمكن من طعن مجندة إسرائيلية داخل الأراضي
المحتلة عام 1948، حيث كان من أوائل من انضم للكتائب.NewLineوتستعيد
الحاجة "أم خالد" شريط ذكرياتها المؤلم لفقدان ابنها، مستذكرة ذلك اليوم
قائلة: "في صبيحة يوم الرابع والعشرين من أيار (مايو) 1992م، اخبرني بأنه
ذاهب للعمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، فصلى الفجر وخرج من
المنزل للقيام بعملية جهادية دون علمنا بذلك".NewLine القبلة الأخيرة
وتصف ما حدث في ذلك اليوم الذي لا يمكن نسيانه من ذاكرتها بالقول: "بعدما
قبلني مودعا، وخرج من المنزل، وصلنا خبر بأنه قام بطعن مجندة إسرائيلية في
موقف الحافلات في منطقة "بيت يام" داخل الأراضي المحتلة عام 1948، ومن ثم
القي القبض عليه من قبل قوات الاحتلال.

وتابعت بنبرة حزينة: "لقد اعتقل فؤاد، وهو في ريعان شبابه، حيث كان يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما وحكم عليه مدى الحياة".

ووصفت "أم خالد" معاناتهم في تلك الأيام القاسية بالقول: "عشنا أصعب
الأيام في تلك الفترة، فلم يكتفي الاحتلال بأسر ابني، وإنما قاموا
بإخراجنا من المنزل وهدمه أمام أعيننا دون أن يسمح لنا بإخراج أي شكل منه،
فدمر المنزل على محتوياته ".

وتقول: "لقد منعت من زيارة ابني منذ خمسة أعوام، فكم أنا مشتاقة
لرؤيته والجلوس معه وأخذه بين أحضاني، كم أتمني خروجه من السجن لأفرح به
وأزوجه، وارى أبنائه يملئون علينا حياتنا سعادة".

قمع وتعذيب وفيما يتعلق بمعرفة أخبار نجلها المعتقل تقول "أم خالد":
"نسمع أخبار فؤاد من الأسرى الذين يفرج عنهم، فعندما يخرج احد الأسرى نذهب
لزيارته والاطمئنان على ابننا، ولقد علمنا بأنه يتعرض لكافة أنواع الإهانة
والإذلال من قبل الاحتلال، بالإضافة للعزل الانفرادي." وأضافت:"إن إدارة
السجون تسعى بكل الطرق والوسائل لتضييق علي الأسرى وحرمانهم وفرض كل ما من
شانه أن يجعل حياتهم أصعب واقسي، فأسرانا يذوقون كل أنواع العذابات خلف
القضبان".

وأشارت إلى أنها تتواجد كل أسبوع في اعتصام أهالي الأسرى في مقر
الصليب الأحمر، هي وجميع أهالي لأسرى على أمل أن تنتهي معاناة أبنائهم خلف
القضبان. وناشدت والدة الأسير فؤاد الصليب الأحمر، وكافة المؤسسات
الحقوقية والإنسانية بالضغط علي سلطات الاحتلال للإفراج عن ابنها، وكافة
الأسرى في سجون الاحتلال، والاكتفاء بما أمضاه في سجونها.